مانشيت: إيران تنتقم لنصرالله وهنية.. ونتنياهو يتوعدها بدفع الثمن
Wednesday, 02-Oct-2024 06:09

ربما تكون الحرب الشاملة في المنطقة قد بدأت، لكن نشوبها فعلياً من عدمه يبقي الأمر مرهوناً بما سيكون عليه الموقف الاسرائيلي رداً على الهجوم الايراني على إسرائيل مساء امس، لأنّ المنطقة تقف على شفيرهذه الحرب منذ عملية «طوفان الأقصى» التي تحلّ ذكراها الاولى في السابع من الجاري.
وقد جاء الهجوم الايراني على اسرائيل بعد ايام على اغتيالها الامين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله، وفيما تستعد لاجتياح بري لمنطقة جنوب الليطاني، منذرة سكان مدينة بنت جبيل وعشرات البلدات والقرى بوجوب اخلائها، فيما كانت ايران تُخرج منصاتها الصاروخية من مخابئها استعداداً للهجوم الصاروخي عليها. وتحت جنح هذه التطورات الخطيرة سُجّل حراك داخلي في اتجاه تأمين انتخاب رئيس للجمهورية، في ضوء ما اعلنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن توجّه لعقد جلسة انتخابية فور توقف اطلاق النار لانتخاب «رئيس لا يشكّل تحدّياً لأحد»، وكذلك في ضوء الحديث عن مسعى فرنسي ـ قطري مدعوم اميركياً لخفض التصعيد، يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية.

فقد أمطرت قوات الحرس الثوري الإيراني اسرائيل مع الساعات الاولى من مساء امس، بمئات من الصواريخ البعيدة المدى، مستهدفة تل ابيب ومواقع استراتيجية وحساسة في مختلف أنحاء الاراضي الفلسطينية المحتلة، في وقت كانت تُسجّل في بعض شوارع تل ابيب عملية فدائية سقط فيها عشرات الإسرائيلين قتلى وجرحى.

 

الحرس الثوري

وتوعّد المرشد الاعلى الايراني السيد علي الخامنئي بأنّ «ضربات محور المقاومة ستصبح أقوى وأكثر إيلاماً على الجسد المتهالك والمتعفن للنظام الصهيوني».

واشار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الى أنّ «الهجوم كان جزءاً من قدراتنا، ولا تدخلوا في صراع مع إيران»، لافتاً الى أنّ «الهجوم كان دفاعاً عن مصالحنا ومواطنينا»، مؤكّداً أنّ «على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يعلم أننا لا نسعى للحرب لكننا سنقف بحزم ضدّ أي تهديد». وأعلن الحرس الثوري الايراني في بيان «استهداف عمق الأراضي المحتلة رداً على استشهاد الشهيد هنية والشهيد السيد حسن نصر الله والشهيد نيلفروشان». وأضاف: «إذا ردّ الكيان الصهيوني على العمليات الإيرانية، فإنّه سيواجه هجمات ساحقة.

وجاء في البيان: «أيها الشعب الإيراني الشريف، بعد فترة من ضبط النفس تجاه انتهاك سيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية عند اغتيال المجاهد الشهيد الدكتور إسماعيل هنية على يد الكيان الصهيوني وتجاه حق البلاد في الدفاع المشروع عن النفس بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وتصاعد اعتداءات الكيان الصهيوني بدعم من أميركا في ارتكاب مجازر بحق شعبي لبنان وغزة، واستشهاد المجاهد الكبير قائد محور المقاومة والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله واستشهاد المستشار الكبير للحرس الثوري في لبنان العميد عباس نيلفروشان، أطلقت القوات الجوية التابعة للحرس الثوري قبل لحظات عشرات الصواريخ الباليستية على أهداف عسكرية أمنية مهمّة في عمق الأراضي المحتلة، والتي سنذكر تفاصيلها لاحقاً».

وأضاف: «إنّ هذه العملية تمّت بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي وإبلاغ هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة وبدعم من جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية ووزارة الدفاع، ونحذّر من أنّه اذا ردّ الكيان الصهيوني عسكرياً على هذه العملية التي تتوافق مع الحقوق القانونية للبلاد والقوانين الدولية، فإنّه سيواجه المزيد من الهجمات الساحقة والمدمّرة».

واعلن الحرس الثوري في بيان ثانٍ، انّه «وفقاً للوعود التي أطلقها مسؤولو الجمهورية الإسلامية والقادة العسكريون؛ قاموا بمساعدة بقية القوات المسلحة خلال عملية «الوعد الصادق 2» ورمز يا رسول الله (ص) باستهداف مراكز استراتيجية داخل الأراضي المحتلة بصواريخ إيرانية. وفي هذه العملية استهدف الحرس الثوري بعض القواعد الجوية والرادارية؛ مراكز التآمر والتخطيط لاغتيال قادة المقاومة، وخاصة الشهيد الدكتور إسماعيل هنية والقائد العام لحزب الله في لبنان الشهيد حجة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله، والقادة العسكريين في حزب الله».

واكّد انّ الهجوم الصاروخي استهدف «ثلاث قواعد عسكرية» في محيط تل أبيب. وقال: «استهدفنا 3 قواعد رئيسية للجيش الإسرائيلي». وأضاف، «استهدفنا قاعدة نتساريم لطائرات F35 التي اغتالت الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله». وقال: «استخدمنا للمّرة الأولى صواريخ فتّاح الفرط صوتية».

وأشار التلفزيون الإيراني، إلى أنّ «الحرس الثوري استهدف أجهزة الرادار في الأنظمة الدفاعية التي توجّه صواريخ آرو 2 وآرو 3». وقال انّ 80 في المئة من الصواريخ التي أطلقت على إسرائيل أصابت أهدافها.

وأعلنت البعثة الايرانية لدى الامم المتحدة أنّه «في حال قام الكيان الصهيوني بردّ فعل وارتكب عملاً شريراً جديداً، فإنّ الردّ اللاحق، سيكون هدّاماً ومدمّراً». وأضافت «انّ الاجراء الحقوقي والمنطقي والمشروع لايران جاء رداً على الاجراءات الارهابية للكيان الصهيوني في استهداف المواطنين والمصالح الايرانية والاعتداء على السيادة الوطنية للجمهورية الاسلامية الايرانية».

 

الموقف الاميركي

وأعلن البيت الابيض أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن دعا الى اجتماع مع نائبته كامالا هاريس وفريق الأمن القومي لمناقشة هجوم إيران. وقال إنّهم «مستعدون لمساعدة إسرائيل في مواجهة هذه الهجمات وحماية الأميركيين في المنطقة». واضاف: «مستعدون لمساعدة إسرائيل بمواجهة إيران».

واشار مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان الى «أنّ الهجوم الإيراني على إسرائيل أُحبط فيما يبدو، وإن إدارة الرئيس جو بايدن ما زالت تراقب الوضع».

واضاف: «بناءً على ما نعرفه في هذه المرحلة، يبدو أنّ هذا الهجوم صُدّ ولم يكن فعّالاً»، معتبراً الهجوم «تصعيداً كبيراً من جانب إيران».

واعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنّ «الهجوم الإيراني على إسرائيل غير مقبول على الإطلاق»، مضيفاً في بيان مقتضب أنّ «العالم بأسره يجب أن يدينه». وذكر أنّ «التقارير الأولية تفيد أنّ إسرائيل، بدعم كبير من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، أحبطت بشكل فعّال هذا الهجوم». وأضاف: «أظهرنا مرّة أخرى التزامنا بالدفاع عن إسرائيل».

ونقلت «إن بي سي» عن مسؤول أميركي وآخر أردني أنّ «الأردن سمح للقوات الأميركية باستخدام أجوائه لإسقاط الصواريخ الإيرانية». وأكّد المسؤول الاردني، أننا «سنفعل الشيء نفسه في حال عبور أي صاروخ مجالنا الجوي».

 

نتنياهو وغالانت تحت الارض

وفيما سادت حالة من الاستنفار الأمني في إسرائيل مع بدء سقوط الصواريخ الايرانية، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أنّ إيران أطلقت عشرات الصواريخ تجاه إسرائيل. وقال: «قبل وقت قصير، تمّ إطلاق صواريخ من إيران على أراضي دولة إسرائيل». ودعا الاسرائيليين الى «توخي الحذر والتصرف وفقاً لتعليمات قيادة الجبهة الداخلية تماماً».

وقد توقفت عمليات الإقلاع والهبوط في مطار بن غوريون كلياً. فيما تحدثت وسائل اعلام مختلفة عن انّ الصواريخ الايرانية استهدفت مواقع وقواعد عسكرية ومطارات.

بدوره، اشار موقع «واللا نيوز» العبري، الى انّ هناك نحو 200 صاروخ باليستي وأكثر من 1800 إنذار في جميع أنحاء البلاد. وذكرت القناة 13 الإسرائيلية انّ رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو وعدد من الوزراء احتموا اثناء الهجوم الايراني في مكان محصّن تحت الارض في مدينة القدس. فيما وزير الدفاع غالانت تحّصن في مبنى تحت الأرض في وزارة الدفاع في تل أبيب.

 

نتنياهو يهدّد

وليلاً واشار نتنياهو إلى «انّ الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل فشل، وانّ طهران ارتكبت خطأ كبيراً الليلة وستدفع ثمنه». وقال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي: «أثبتنا قدرتنا على منع إيران من تحقيق أي إنجاز، من خلال الدمج بين سلوك المواطنين المثالي ومنظومة دفاع جوي قوية جدًا». وأضاف: «سنختار متى سنجبي الثمن، وسنثبت قدراتنا الهجومية الدقيقة والمفاجئة، وفقًا لتوجيهات القيادة السياسية».

 

الجيش و«اليونيفيل»

في غضون ذلك، تواصلت المواجهات على الجبهة الجنوبية في ظل الاستعدادات الاسرائيلية لاجتياح منطقة جنوب الليطاني، فيما استهدفت الغارات الاسرائيلية الضاحية الجنوبية لبيروت مجدداً وطاولت عصر امس محلتي الجناح وبئر حسن. وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنّ المستهدفين بالاغتيال في الضاحية هما المسؤولان في حزب الله «الشيخ صلاح» المسؤول عن نقل العسكريين من سوريا إلى لبنان و»ذو الفقار» وهو قائد في «فرقة الإمام الحسين».

 

الجيش لم يخلِ

وفي هذه الاجواء، اكّد الجيش اللبناني بانّه لم يخل مواقعه في الجنوب رغم «استمرار العدو الإسرائيلي في اعتداءاته الهمجية المتزايدة على مختلف المناطق اللبنانية». وردّت مديرية التوجيه في بيان لها على ما تناولته «بعض وسائل الإعلام معلومات غير دقيقة حول انسحاب الجيش من مراكزه الحدودية الجنوبية لعدة كيلومترات في ظل تحضيرات العدو لتنفيذ عملية برية داخل الأراضي اللبنانية». ولفتت إلى أنّ «ما يهمّ قيادة الجيش أن توضح هو أنّ الوحدات العسكرية المنتشرة في الجنوب تنفّذ إعادة تموضع لبعض نقاط المراقبة الأمامية، ضمن قطاعات المسؤولية المحدّدة لها. كما تُواصل القيادة التعاون والتنسيق مع قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان».

 

إبلاغ «اليونيفيل» بالاجتياح

وتزامناً مع هذه الخطوة، سجّلت قيادة «اليونيفيل» موقفاً لافتاً ونادراً، فوجّهت اتهاماً مباشراً الى اسرائيل بأنّ اجراءاتها الحدودية تشكّل «انتهاكاً للسيادة اللبنانية وسلامة أراضي لبنان». وقال بيان لها إنّ «الجيش الإسرائيلي ابلغها يوم أمس (أول أمس الاثنين) عن نيته القيام بعمليات توغل برية محدودة داخل لبنان».

واضاف البيان «رغم هذا التطور الخطير، فإنّ حفظة السلام لا يزالون في مواقعهم. نحن نعمل بانتظام على تعديل وضعنا وأنشطتنا، ولدينا خطط طوارئ جاهزة للتفعيل إذا لزم الأمر. إنّ سلامة وأمن قوات حفظ السلام أمر بالغ الأهمية، ونذكّر جميع الأطراف بالتزاماتها إزاء احترام ذلك». واضاف البيان: «إنّ أي عبور إلى لبنان يشكّل انتهاكاً للسيادة اللبنانية وسلامة أراضي لبنان، وانتهاكاً للقرار 1701. إننا نحث جميع الأطراف على التراجع عن مثل هذه الأعمال التصعيدية التي لن تؤدي إلّا إلى المزيد من العنف وإراقة المزيد من الدماء».

 

عين التينة «المحجة»

وفي هذه الاثناء، تحوّلت عين التينة محجة للسياسيين ورؤساء الكتل النيابية، في خطوة تلت المبادرة التي أطلقها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أول امس من منبرها، متحدثاً عن استعداد الرئيس بري للدعوة الى جلسة انتخابية تلي وقف اطلاق النار في جنوب لبنان لانتخاب رئيس للجمهورية «لا يشكّل تحدّياً لأحد».

وعلى هذه الخلفيات وبعد مسلسل الزيارات أمس لكل من كتلة «تجدد» و»لبنان القوي»، يستقبل بري قبل ظهر اليوم أعضاء كتلة «الاعتدال الوطني» في إطار تجاوبها مع هذه المبادرة وفي محاولة لترجمتها إن سمحت الظروف ونجحت المساعي لوقف التدهور الأمني في الجنوب ولجم العدوان الاسرائيلي.

وكشفت مصادر نيابية لـ«الجمهورية» انّ الكتلة واصلت اتصالاتها مع سفراء الخماسية الدولية والعربية قبل تحركها اليوم في اتجاه بري، وستواصل لقاءاتها مع كتل نيابية اخرى سعياً الى ترجمة هذه المبادرة والنفاذ بانتخاب رئيس للجمهورية، ذلك أنّ كل المشاورات الدولية أظهرت انّه لا يمكن ان يحضر لبنان على اي طاولة مفاوضات إقليمية أو دولية من دون ان يرأس وفده رئيس الدولة، لما له من صلاحيات لصيقة لا يمكن تجييرها لأحد.

 

المعارضة تتحرك باتجاهين

على صعيد موازٍ كشفت مصادر نيابية في المعارضة لـ«الجمهورية» انّ «لقاءات عدة عُقدت بين أركان المعارضة النيابية على اكثر من مستوى بعيداً من الاعلام، لترتيب موقف موحّد يدفعها في اتجاهين:

ـ الأول يقول بضرورة التحرك في اتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري في اسرع وقت ممكن، لاستغلال الثغرة التي فُتحت من المبادرة الاميركية ـ الفرنسية الدولية لخفض التصعيد، وتسهيل الحراك الهادف الى انتخاب رئيس للجمهورية، بعد فتح أبواب البرلمان لعقد جلسة نيابية تسمح للنواب بالاضطلاع بدورهم في هذه الظروف المصيرية للحدّ من العدوان الاسرائيلي الذي تسببت به الميليشيات التي صادرت قرارات الحكومة. ولفتت هذه المصادر الى اهمية التقاط اللحظة التاريخية التي يمكن ان تقود الى انتخاب رئيس ينهي الشلل في المؤسسات الدستورية ليكتمل عقدها، كما في اي دولة في العالم لها رئيسها ومؤسساتها لمواجهة التطورات الكبرى في المنطقة.

ـ الثاني يقول بضرورة التحرك في اتجاه الحكومة ورئيسها والوزارات المختصة لدعمها في خطواتها لمواجهتها آثار العدوان. فلا يمكن أن تبقى مهمتها تعداد الشهداء والجرحى والبحث عن موارد لخدمة عشرات الآلاف من النازحين في بلدهم من الذين هجّرتهم الحرب غير المتكافئة مع العدو الاسرائيلي، والتوصل الى مرحلة انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة.

الأكثر قراءة